17 janv. 2013

من مأساة ابليس الى مأساة ادريس


قبل سنوات, تمكنت من قراءة كتاب قيم لصادق جلال العظم تحت عنوان: نقد الفكر الديني.
شدني إليه الجزء المخصص لمأساة إبليس. إبليس, ذلك البطل الذي يحمله الجميع كل الشرور التي تقع في هذا العالم: هو المسؤول عن انحراف الناس، عن الكفر، عن المصائب التي تحل بهم.... هذا المنطق الذي يؤدي في النهاية إلى إعطاء إبليس سلطة تتجاوز سلطة خالقه. حاولت ان لا افهم وان اعتبر القضية ترفا فكريا يحاول من خلاله الكاتب معالجة قضايا معينة.
لكن بعد إقالة ادريس البصري من وزارة الداخلية, وجدنا قصة إبليس تتكرر, لكن هذه المرة, في الواقع ولا مجال فيها للترف الفكري.
لقد تم انساب كل شيء ذميم بهذا البطل المأساوي: هو المسؤول عن قمع النقابات، الأحزاب، الطلبة، المعطلين، الجمعيات، المرأة...هو المرتب لجميع الوزراء, هو سبب الأزمة بين المغرب والدول الأخرى, وعلى الخصوص الجزائر...هو، هو، هو...

بهذا المنطق نكون قد أعطينا لإدريس(إبليس جلال العظم) دورا رئيسيا في تسيير الدولة المغربية, بل دور المقرر والمنفذ.
هذا ما يريده البعض وما عمل على ترويجه لكي يصل إلى خلاصة سريعة: إقالة البصري هي إقالة جميع الشرور.
خلاصة منطقية لا يدعمها سوى غيابها في الواقع. فقد ذهب البصري وقبله كثيرون (أوفقير,الدليمي...), لكن الحالة لم تتغير.
إبليسنا إذن ليست له سلطة, ولو كانت له لبقي في مكانه معززا مكرما.
ان إدريس ليس إلا شخصا يؤمر فيطيع وبالتالي فان أي بحث أوممارسة سياسة تركز نضالها على متلقي الأوامر تعمل فقط على ذر الرماد في الأعين وتنضم بذلك إلى جانب النظام الذي يتفنن في قمع وتجويع الشعب بكل ما أوتي من قوة وحيل.


2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire