20 mai 2013

حدود تعاريف المجتمع المدني:

ان اغلب التعاريف تركز على ابرز الدلالات التي استعمل بها مفهوم المجتمع المدني دون الاهتمام بمساءلتها, أو ربطها وتفسيرها بسياقاتها التاريخية و الاجتماعية. كما أنها تحاول تناقش الموضوع من زاوية واحدة و تقوم  بإغفال الجوانب الأخرى. و يمكن تقسيم التعاريف التي تطرقت لمفهوم المجتمع المدني إلى ثلاثة أصناف: تعاريف تركز على وظائف المجتمع المدني و صنف ثان يركز على أهدافه وأخيرا تعاريف تتعرض للمجتمع المدني من زاوية المؤسسات والمنظمات المكونة له.
و إذا كان القاسم المشترك بين جميع هذه التعاريف هو جهلها أو تجاهلها لجانب القيم و الأخلاق و التربية التي يجب ان تسود هذا المجتمع لان الأساسي بالنسبة لمفهوم المجتمع المدني ليس فقط جانبه المؤسساتي بل بالخصوص القيم والأخلاقيات والثقافة المدنية التي يساهم في نشرها داخل الجسم الاجتماعي بحيث تتحول إلى معايير وأسس تحكم السلوكيات و توجهها, فان لكل منها ( أي التعاريف) نقائص سنناقشها في هذا العنصر من الكتاب.
1- حدود تعاريف المجتمع المدني بناءا على الوظائف :
 ان تعريف المجتمع المدني على أساس الوظائف التي يقوم بها يطرح إشكالية تتمثل في إمكانية اعتبار بعض  المؤسسات التي تقوم بوظائف معينة لصاح الأفراد بعيدا عن تدخل الدولة جزءا من المجتمع المدني أم هناك تعارض بينهما, و أهم هذه المؤسسات تتجسد فيما يمكن تسميته بالمجتمع الأهلي أو مؤسسات الأمة التي تتكون عموما من الطرق الصوفية, التنظيمات الحرفية, الأسواق, الوقف, الزوايا, القبيلة, العشيرة, الطائفة, المذهب, الإقليم, العائلة... لان قوامها سلطوي وتغلب عليها الروابط الدينية, العصبية و رابطة الدم حيث تتجه إلى إعادة إنتاج العلاقة السلطوية. فضلا عن انه تضامن ينطوي على تضاد مادي صارخ في شروط المعاش, و تدبير الثروة و السلطة: حيث التأليف المستحيل بين اليسر والعسر, بين البذخ و الفاقة, بين الوجاهة و الوضاعة, السلطة و الخضوع, التملك و الحرمان..., و هي  في مفارقتها عناصر تكوين التضامن الأهلي العصبوي.

المجتمع المدني في الفكر المعاصر:



يعتبر مفهوم المجتمع المدني من أكثر المفاهيم التي تعرض لها الفكر المعاصر بالدراسة والنقد. و قدمت مجموعة من التعاريف ومحاولات التعريف, شملت مجموعة من المفكرين والباحثين على اختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية.
ورغم الاختلافات بين هؤلاء المفكرين و الدارسين, والتي قد تصل إلى حد التناقض, فان التعاريف المقدمة ترى في المجتمع المدني مجموع المؤسسات التي تتيح للأفراد التمكن من الخيرات والمنافع العامة دون تدخل أو توسط الحكومة. وتحدد الوظيفة الأساسية إذا  تمكن من الوصول إلى مرحلة التمأسس والتنظيم القوي والفعال هي لعب دور الوساطة بين الفرد المواطن والدولة القوية المطلقة السيادة.
وتعميقا للفهم والنقاش نورد مجموعة من التعاريف التي صيغت للتعريف بالمجتمع المدني, حيث عرفه عبد الله دمومات بما يلي: "يقصد بالمجتمع المدني في المغرب مجموع التنظيمات والجمعيات العاملة في الحقل الاجتماعي و الثقافي  والرياضي والاقتصادي و الصحي .. بهدف تحقيق أهداف معينة وفق القوانين الأساسية المؤطرة لأعمالها ونشاطها وموضوع أهدافها.
وتعتبر هذه التنظيمات والجمعيات أنها تشتغل وتتحرك في استقلال عن سلطة الدولة ووصاية الأحزاب السياسية والنقابات.."[1]
ويرى عياض بن عاشور بان المجتمع المدني " هو مجموع التنظيمات الإدارية والاصطناعية( غير الطبيعية) التي تعبر عن المصالح و الآراء وتدافع عنها (كالنقابات والأحزاب والجمعيات والمجموعات الترابية والشركات والمقاولات واتحادات أرباب العمل"[2].
بينما يقيم عابد الجابري تمايزا بين مجتمع المدن والمجتمع البدوي ويورد أن " المجتمع المدني هو أولا وقبل كل شيء مجتمع المدن, وأن مؤسساته هي تلك التي ينشئها الناس بينهم لتنظيم حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. فهي إذن مؤسسات إرادية أو شبه إرادية يقيمها الناس وينخرطون فيها أو يحلونها أو ينسحبون منها, وذلك على النقيض تماما  من مؤسسات المجتمع البدوي القروي التي تتميز بكونها مؤسسات "طبيعية" يولد الفرد منتميا إليها مندمجا فيها, لا يستطيع الانسحاب منها, مثل القبيلة والطائفة"[3].

5 mai 2013

إله بنكيران يخطئ التقديرات السياسية



حينما يكون الله _عفوا اله بنكيران_ فاعلا أساسيا في السياسة، فما علينا نحن البشر سوى أحد الحلين:
_ ترك السياسة لإله بنكيران الذي لا يمكننا مهما بلغنا من العلم فهم منطقه وسياسته وحكمه والتكتلات  السياسية المقدسة التي يقيمها، وعلى رأسها تحالف الفساد والمفسدين والحزب الإسلامي المقدس.
_ الثورة على اله بنكيران ومناقشته في تحالفاته ومخططاته ونجاحاته وإخفاقاته.

بداية وجبت الإشارة إلى أن العصر هو عصر تعدد الآلهة التي استقت وجودها من العصور الأولى وخصوصا ما عرف بعصر الجاهلية، وأضافت إليها نفحة ليبرالية لا تعترف بالمجتمع بل بالفرد والفردانية حتى أصبح لكل فرد إلهه الخاص أو بالأحرى استعماله الخاص للإله.
فسارتر جرد إلهه من كل سلطة ومنح للفرد كل الإرادة والمسؤولية، ونيتشه قتل إلهه، بينما بنكيران جعل منه فاعلا أساسيا في السياسة.