غيب
صعود نجم النقابة الديموقراطية للعدل العديد من الأسئلة، وشكل انخراط معظم الموظفين
بها مجمل الأجوبة على أي تساؤل قد يحاول استفزاز العقل. فالمشاعر وحدها تكفي
والموظفون الذين فتحوا أعينهم على قوة خارقة لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال مادام
الجواب مبهر.
في
ظل هذا الوضع، لم يستسغ الموظفون بقاء مجموعة من المناضلين صامدين في إطار نقابتهم
الأصلية النقابة الوطنية للعدل، بل يصل الأمر إلى حد الاستهزاء بهم وبأفكارهم
وتشبتهم المبدئي بإطار يعتبرونه في حكم الميت.
استمر
الوضع لزهاء عقد من الزمن، أي ولايتين وزاريتين لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات
الشعبية على راس وزارة العدل.
وبعد
مرحلة انتقالية قادها ذ الناصري، تقلد ذ الرميد مسؤولية وزارة العدل في ظل حكومة
بنكيران ذات التوجه الاسلاموي والتي شكلت ورقة الدولة المربحة في ظل حراك شعبي
تقوده حركة العشرين فبراير.
وبمجرد
تعيين العدالة والتنمية، تحركت نقابتها في وضع أشبه بمرحلة تعيين المرحوم بوزوبع
على راس وزارة العدل، لتكتسح العديد من المواقع ولتبهر موظفي النقابة العظمى
والذين خيل إليهم أنها النقابة التي لا تقهر وأنها المعادلة التي لا حل لها سوى
بالاستجابة لرغباتها.
ما
يهمنا في الإشارة إلى هذا الصعود ليس تبيان منجزاته وآفاقه الواهية، لكن المهم فيه
هو الإمكانية التي يتيحها لطرح السؤال من جديد: ماذا حدث بقطاع العدل وماهي آفاق
التطور به.
إمكانية
السؤال هاته تنبع من إمكانية الاستماع والنقاش التي أتاحها السقوط من وضع
المتعالي، المنتصر، صاحب الشرعية، صاحب الميدان، المبهر للنفوس قبل العقول...إلى
وضع الجزء من الكل، وضع النقابة من بين النقابات، وضع من له رؤية تحتاج لتمحيص
وبرنامج للتصريف...
فماذا
حدث بقطاع العدل وما هي أوجه تكرار التجربة وما هي مميزات النقابة المؤسسة بناء
على ضرورة نضالية ومطلبية وبين النقابات المؤسسة سياسيا ؟
وقبل
الخوض في الموضوع، أؤكد أني من المناضلين الذين يؤمنون حتى درجة عالية بأخطاء أي
تنظيم تنظيم، وأي مناضل مناضل، وأية تجربة تجربة، وكذا اختلاف بين التنظيم والأشخاص،
كما لا أزكي أي تنظيم: فمجل التنظيمات إن لم نقل كلها يوجد بها خونة، بها
انتهازيون، بها وصوليون، بها مرتشون، بها مخبرون... أي جل مرضيات المجتمع يتم
نقلها للتنظيمات المدنية والنقابية والسياسية...، مما يعني ان جوهر الاختلاف بين
التنظيمات، كما تذهب الى ذلك النقابات السياسية، لا يكمن في هاته الأشياء بل في
شيء آخر تحاول حجبه بطرق ملتوية. وكمثال بسيط، فنحن نعرف سمعة كتابة الضبط في
أوساط المجتمع عموما وقد تكون لنا تجارب معها قبل ولوجنا لعالم الشغل: فهي رديف
للرشوة والسمسرة...، لا يعني هذا أن كل الموظفين هكذا لكنها للأسف صورة مسوقة، كما
تتحمل كتابة الضبط مسؤوليتها ونصيبها من الآثار السلبية للمحاكمات السياسية
والمحاكمات المفبركة في حق مناضلي وشرفاء هذا الوطن. فكم من مرة رفعنا شعاراتنا
أمام المحاكم الظالمة التي اعتقلت مناضلينا في الجامعة، وفي هذا لم نكن نميز بين
القاضي والموظف، بين الكاتب والرئيس..، إنها نظرة وصورة تشكلت عبر سنين وعقود وفي
ظل نظام لا ديموقراطي.
قلت
إن هاته الظواهر التي لعبت عليها واستغلتها الطروحات السياسية ما هي الا وسيلة
للانقضاض على القطاع وتوجيهة وجهة سياسية لتصفية حسابات معينة. فبداية كان جل
الموظفين منخرطين في النقابة الوطنية للعدل، وبعد تناول الاتحاديين لحقيبة العدل،
كيلت التهم للموظفين والمناضلين وسوقت ضدهم صورة الخونة، الإداريين، المرتشين...،
لكن لسوء الحظ أو لحسنه أن النقابة الديموقراطية للعدل جمعت في تنظيمها كل هؤلاء
الموظفين بل ازدادت الظاهرة استفحالا عندما تحولوا إلى قوة معاندة ومعارضة لقيم
الديموقراطية والشفافية، ما دفع الجامعة الوطنية لقطاع العدل الى التهجم على هؤلاء
الموظفين والمناضلين لكن دون ان تشكل قطيعة معهم ومع ممارساتهم، بل كان الهدف
تنظيمهم في نقابتها واحتضانهم.
ان
هذا الانتقال للقاعدة بين النقابات يكشف بما لا يترك مجالا للشك، أن الاختلاف لا
يكمن في هاته الظواهر والممارسات والإشاعات، بل في أشياء أخرى وجب كشفها: فما هي؟
1_ في تأسيس النقابة الوطنية
للعدل:
لا أحد يختلف _مهما كان انتماؤه النقابي الحالي_ أن
تأسيس العمل النقابي بقطاع العدل كان مكسبا كبيرا حققه رجال ونساء العدل الذين
ضحوا بالغالي والنفيس من اجله.
لقد دفعت المعاناة اليومية لموظفي القطاع، مادية كانت أو
معنوية بما فيها التسلط الذي يمارس عليهم، العديد من المناضلين الى التفكير في
تأسيس اطار نقابي يدافع عنهم ويرقى بمستواهم ويحصنهم ضد كل اشكال التضييق والتمييز
والاستعباد.
وهكذا برزت الى الوجود مكاتب محلية في العديد من المدن
المغربية، في واقع الإرهاب النفسي والعملي على المناضلين والمتعاطفين على حد سواء.
ونظرا لتاريخ هذا القطاع الذي ارتبط بدار الملك ودار
المخزن، والذي عانى الشعب ومناضلوه من أحكامه الجائرة، فقد رفضت المركزيات
النقابية إيواء العمل النقابي بقطاع العدل بل إن الكونفدرالية الديموقراطية للشغل
ترددت كثيرا قبل الإقدام على الخطوة للصورة المرسومة على قطاع العدل ولتاريخه
وخصوصيته.
بعد تأسيس العديد من الفروع اتجهت وجهة العمل النقابي
نحو عقد المؤتمر التأسيسي للنقابة الوطنية للعدل سنة 2000 بعد الرفض الذي تعرض له
لمرات، بل انه رغم انعقاد المؤتمر التأسيسي والمؤتمر الأول سنة 2007، فالنقابة
الوطنية للعدل لم تحصل على وصل الإيداع، فيما توصلت به نقابات جاءت بعدها بسنين
كثيرة.
ولعل أصدق تعبير عن مرحلة التأسيس ما وجدناه في كلمة
الجامعة الوطنية لقطاع العدل _رغم اختلافنا الكبير معهم للظروف التي سأبين لاحقا_
بمناسبة تأسيس مكتبها المحلي بفاس سنة 2008 والذي جاء فيه:
لعل أفضل محطة نضالية في تاريخ الحركة النقابية بقطاع العدل
في نظرنا، هي تلكم المناسبة التي تم خلالها تدشين أول فعل نقابي في
القطاع وذلك بالنظر لعدة عوامل منها :
أولا: النجاح في طرد تلك الهواجس التي كانت تسيطر على موظفي
القطاع والمتراوحة بين التردد تارة وبين التخوف تارة أخرى من الإقدام على
الفعل النقابي .
ثانيا : اعتبارا للأهمية الرمزية لهذه المحطة
الأولى التي تم فيها إحداث الفعل النقابي في هذا القطاع مع ما يتميز
به من خصوصية وحساسية إلى حد اعتباره من قبل البعض من القطاعات التي لايجوز
فيها القيام بأي فعل نقابي . ومن هنا شكل مجرد تأسيس الفعل النقابي في
حد ذاته نجاحا كبيرا لموظفي القطاع ومناضليه.
ثالثا : بالنظر للأمل الكبير الذي خلفه هذا التدشين في نفوس موظفي القطاع
بخصوص حل مشاكلهم المتعددة الصور في أفق تجاوزها…الخ
ان هاته اللمحة المبسطة تبين بالملموس أن تأسيس الفعل
النقابي بقطاع العدل بقيادة النقابة الوطنية للعدل، جاء نتيجة للأوضاع المزرية
للعاملين بالقطاع ولمتغيرات عامة مرتبطة بنوع من الانفتاح السياسي في فترة حكومة
التناوب، وايضا الفترة المرتبطة باطلاق سراح العديد من المعتقلين السياسيين وعودة
المنفيين...، كما أنه _أي التأسيس_ فرض نفسه على المركزية النقابية ولم يكن بايعاز
منها أو من حزب سياسي آخر، وانبثق من القاعدة إلى القمة أي أن الفعل النقابي
المؤسس بالقطاع انطلق من المكاتب المحلية لينصهر في بوثقة المكتب الوطني المنتخب
في المؤتمر التأسيسي.
إن التركيز على بعض الأمور ليس اعتباطيا، ولكن لأنه
سيكون صمام الأمام أمام محاولات الاختراق وتغليط الموظفين والرأي العام، وكذا
لتبيان الطبيعة السياسية للتأسيس لبعض الإطارات الأخرى والتي يبقى ظهرها عار مهما
حاولت تزوير التاريخ والحقائق.
إن الـتأسيس لمثل هاته النقابة وبالمواصفات المشار
إليها، لم يكن ليرق لجميع الجهات وبالخصوص الممخزنة منها، والتي الـتجأت الى فبركة
الملفات للعديد من المناضلين وعقدت لهم مجالس تأديبية بسرعة البرق وبدون توفر ابسط
شروط الدفاع... بل تعداه الأمر إلى محاولة تلبيس تهم بالرشوة لأطر ومناضلي النقابة
الوطنية للعدل، وملفاتهم لازالت تحتفظ بأثر هذا التاريخ الأسود سواء منهم من لازال
يناضل تحت لوائها أو من غادر إلى ضفة أخرى.
لم تكن هاته الإجراءات لتنل من عزيمة مناضلي ومناضلات
النقابة الوطنية للعدل الذي عقدوا العزم وبدِؤوا في طرح ملفات مطلبية ومقترحات
للنهوض بواقع الموظفين.
وفي تلك الفترة، كانت المطالب تتمحور حول:
احترام
الحريات النقابية.
تعميم تعويضات التنفيذ الزجري على جميع الموظفين
تخصيص كتابة الضبط بقانون أساسي محفز يتضمن زيادات في الأجرة
تعميم تعويضات التنفيذ الزجري على جميع الموظفين
تخصيص كتابة الضبط بقانون أساسي محفز يتضمن زيادات في الأجرة
تحسين ظروف
العمل بالإضافة إلى المطالب الإدارية الأخرى.
وتحت ضغط النقابة، علقت السبورات النقابية بمختلف محاكم
المملكة _رغم أن بعض المناضلين فبركت له ملفات ومحاضر بسبب هذا التعليق، كما تم
وضع مسودة للنظام الاساسي لموظفي القطاع وشكلت لجن مشتركة _للحساب الخاص_...
هكذا تشكل العمل النقابي المناضل والمكافح لبنة لبنة،
وبدأ في وضع آليات الهجوم لتحقيق مكاسب للشغيلة العدلية، إلا أن لحظة طرد نائب
الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للعدل، الأخ عبد الصادق السعيدي بمناسبة مشاركته في
مسيرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، شكلت منعطفا خطيرا للعمل النقابي بالقطاع.
2_
في ميلاد النقابة الديموقراطية للعدل:
قبل
إعطاء موقفنا من ظروف وأسباب ميلاد النقابة الديموقراطية للعدل، سنقدم رأي أحد
الفاعلين والمنخرطين فيها، حيث يقول الأخ محمد أبرياش في تأملات من وحي
الواقع الحركي لكتابة الضبط: "...تجميع النقابة لنخبة من المناضلين والمناضلات
عقدوا العزم على طرح انتماءاتهم السياسية
والحزبية وراء ظهورهم، والتركيز على صناعة نموذج
نقابي مختلف، أهم سماته: تغليب مصلحة
القطاع على غير ذلك من المصالح وفتح المجال
للاختلاف الحضاري أمام كل الحساسيات
والطاقات والاجتهادات .
التوافق
على ملف مطلبي عام يمثل تطلعات كافة فئات كتابة
الضبط، وعدم السقوط في فخ المطالب
الجزئية التجزيئية مهما كانت وجاهتها، وبذل
الجهد كاملا والتضحية بالغالي والنفيس
مهما بلغت خطورة التحديات والمعيقات، وقد
كان صمود الأخ المناضل عبد الصادق السعيدي
بعد فصله من العمل خير مثال على صدق
المبادئ والمنطلقات المتفق عليها،
بل المتعاقد حولها.
قلت،
بعد هذا المسار الموفق الذي توج بسلسلة من الإضرابات
الناجحة طيلة سنة 2003م، والتي صاحبتها هيكلة
تنظيمية منقطعة النظير، حيث تم
تأسيس الفروع النقابية على وتيرة السريع
مما أربك حسابات وزارة
العدل،..." انتهى كلام أبرباش
دراسة
دقيقة لكلام الأخ أبرباش تمكننا من استنتاج أن النقابة الديموقراطية للعدل ولدت من
فوق، أي أن التنظيم الوطني كان سباقا ومن خلال الاضرابات المتتالية تم بناء
التنظيم والمكاتب المحلية والجهوية والتي لم تكتمل لحدود الساعة.
كما
أن كلامه عن ترك الانتماءات السياسية والحزبية جانبا يوحي بان قطاع العدل يعج
بالمنتمين سياسيا وحزبيا والحال أنهم يعدون على رؤوس الأصابع وأغلبهم اتحاديون وهم
من قادوا المولود الجديد.
كما
ان الحديث عن نموذج نقابي مختلف في 2003 أي في الوقت الذي لم تعمر فيه النقابة
الوطنية للعدل الا 3 سنوات ولم تعقد بعد مؤتمرها الاول، كما أن ولاية المكتب
التأسيسي لم تنته بعد... كل هاته الأشياء تطرح علامات استفهام وتحتاج إلى استقراء
خاص.
وسيكون
فعلا منطق الاخ ابرباش قابلا للفهم والتفهم لو أنهم اختاروا نقابة أخرى غير نقابة
وزير العدل ونقابة حزبه. حيث فعلا سيكون النموذج مختلفا خصوصا اذا اخذ منحى
النقابة المستقلة.
كما
أن ممارسات النقابة الديموقراطية للعدل تبين بالملموس أنهم ابعد ما يكونون الى
"التوافق على ملف مطلبي عام يمثل تطلعات كافة فئات كتابة
الضبط، وعدم السقوط في فخ المطالب
الجزئية التجزيئية مهما كانت وجاهتها"،
بل ان فخ هاته المطالب التجزيئية والجزئية قد سقطوا فيه فعلا.
ان
هذا الاختيار وهاته الحجج لم تكن اعتباطية بل مسايرة لمنطق التأسيس السياسي
للاطارات الجماهيرية والتحكم فيها بغية استعمالها في الأوقات المناسبة والحرجة،
وفي تصفية الحسابات السياسية مع الخصوم خصوصا وأن الاتحاد الاشتراكي للقوات
الشعبية لا ينفك يتحدث عن جيوب مقاومة التغيير والتي يعتبر العدل واحدا منها.
هذا الميلاد القسري، صحبته حملة تشويه لمناضلي
ومناضلات النقابة الوطنية للعدل ورموزها من اتهام بالترقية غير المستحقة، إلى
اتهام بالحصول على أراضي، إلى اتهامات لا توصف...، كما حظي بتغطية اعلامية لا نظير
لها سواء للتصريحات او الاضرابات أو الخرجات الإعلامية...كما تم اتهام النقابة
الوطنية للعدل بالتخلي عن حق مناضلها عبد الصادق المطرود من العودة الى عمله، وهي
كلها أكاذيب وافتراءات يكذبها واقع الحال ونضالات النقابة الوطنية للعدل وبيان
أكتوبر 2002 خير دليل:
"ان
المجلس الوطني للنقابة الوطنية للعدل المنعقد بتاريخ 19_10_2002 بالمقر المركزي
للكونفدرالية الديموقراطية للشغل_ النخيل الدار البيضاء، وبعد استماعه لتقرير
المكتب الوطني وكلمة المكتب التنفيذي، توقف عند الهجمة الشرسة التي يتعرض لها
العمل النقابي من خلال اتخاذ الادارى المركزية لمجموعة من القرارات التعسفية في حق
النشطاء النقابيين (فصل_ توقيف_ مجالس تأديبية_ استفسارات...) في محاولة يائسة
للقضاء على الفعل النقابي للقطاع، ليسجل ما يلي:
...
3_
يطالب الجهات المعنية بالتراجع الفوري عن قرار فصل الاخ محمد عبد الصادق السعيدي
نائب الكاتب الوطني ووضع حد لهذه الخروقات وفتح حوار جاد من أجل تلبية المطالب
المشروعة لشغيلة العدل.
4_
يدعو كافة المكاتب المحلية لتنظيم مهرجانات تضامنية ووقفات احتجاجية تضامنا مع
الاخ السعيدي ومع كل ضحايا الخروقات.
5_
يدعو لتنظيم مهرجان وطني بمدينة الرباط احتجاجا على الاوضاع المتردية لشغيلة
القطاع
6_
يقرر تفعيل قرار الإضراب الوطني القطاعي لمدة 48 ساعة الذي سبق تأجيله مع ترك
صلاحية تحديد تاريخه للمكتب الوطني
8_
يوصي المكتب الوطني برفع دعوى قضائية في مواجهة جمعية الاعمال الاجتماعية لقضاة
وموظفي وزارة العدل.
..."
ان
أكاذيب واداعاءات وافتراءات النقابة الديموقراطية لا تصمد أمام الواقع، حيث تفاجأ
المكتب الوطني بتدخل أطراف حزبية من خارج القطاع أصبحت تلازم الاخ عبد الصادق
والتي ستظهر نتائجها جليا بمناسبة تأسيس المولود الجديد الذي أسقط من أعلى ومكن من
جميع الوسائل المادية والبشرية لاكتساح المغرب وتأسيس مكاتب في جميع الأمكنة التي
يمكن تصورها في غياب مقرات للنقابة القطاعية وللمركزية التي تحتضنها لكونها حديثة
العهد بعد خروجها من الكونفدرالية الديموقراطية للشغل.
من
خلال ما سبق وغيره مما لم يتم التطرق له، يتبين أن ميلاد ونمو النقابة
الديموقراطية للعدل كان قرارا سياسيا بامتياز ولم تكن له أية ضرورة نضالية، بل
بالعكس أن هذا الميلاد أخر الملف المطلبي للشغيلة العدلية لسنوات طويلة حيث تنكرت
الوزارة لكل التزاماتها ووعودها بل وحتى المشاريع التي وقعت تم توقيفها لتوفير فرصة
النمو أمام المولود الجديد.
ان
التعامل التمييزي للادراة ووزير العدل على وجه الخصوص، جعل من النقابة الوطنية
للعدل مروج اكاذيب ومن النقابة الديموقراطية النقابة الصادقة، والذي لم يكن في
الواقع سوى مناورة من وزارة العدل لضرب مصداقية النقابة الوطنية الشيء الذي نجحت
فيه الى حد كبير.
وهنا
أستحضر الزيادات في الاجور التي كانت خاصة بموظفي المحاكم، حيث تدخل الكاتب العام
للنقابة الوطنية للعدل ونبه الوزير والإدارة الى أن مرسوم 67 يستثني التقنيين
وعديد من الاطر الاخرى من الاستفادة. وأكد الوزير أن الجميع سيستفيد.
الا
ان ما كان يروج خارج الإدارة كان شيئا آخر، فمناضلو ن د ع سلمت لهم المعلومة
الصحيحة والتي بمقتضاها سيحرم العديد من الموظفين من الزيادة وهو ما استغلته بجميع
الطرق الممكنة الأخلاقية منها واللاأخلاقية.
وقد
شكل حرمان هاته الفئات من الزيادات الضربة الشبه قاضية للنقابة الوطنية للعدل
نتيجة حسن نيتها وتسويقها لكلام وزير كان يدس السم لها.
وفي
مجمل اللقاءات التي كنا نعقدها مع وزارة العدل بعد تلك الفترة، تتكرر على مسامعنا
جملتان تختزلان ميلاد وتطور هاته النقابة، وهما:
"أنتم لا تستمعون إلينا، نحن بحاجة إلى نقابة تسمعنا، نحن في حاجة إلى النقابة لتصفية بعض الملفات والضغط على بعض الجهات. حينما نقول لكم أعلنوا عن الإضراب لا تترددوا في الإعلان عنه، وحينما نقول لكم توقفوا، يجب التوقف بدون نقاش"
"المخزن لا يطعم ولا يسكن أحدا بدون مقابل، كل شيء يؤدى عنه للمخزن"
"أنتم لا تستمعون إلينا، نحن بحاجة إلى نقابة تسمعنا، نحن في حاجة إلى النقابة لتصفية بعض الملفات والضغط على بعض الجهات. حينما نقول لكم أعلنوا عن الإضراب لا تترددوا في الإعلان عنه، وحينما نقول لكم توقفوا، يجب التوقف بدون نقاش"
"المخزن لا يطعم ولا يسكن أحدا بدون مقابل، كل شيء يؤدى عنه للمخزن"
ان
شروط اليوم ليست هي شروط الأمس، وهذا المولود السياسي يجد نفسه في مواجهة ماض غير
مشرف بتواطؤاته واستفاداته التي لا تحصر، كما ان مولودا آخر صنع سياسيا لتغطية
مرحلة لها مميزاتها وخصائصها.
هذا
الوضع الجديد يتطلب طرح العديد من الأسئلة وعدم المجازفة بمصالح وآمال الآلاف من
الموظفين الذين لا تهمهم لا النقابة الوطنية للعدل ولا النقابة الديموقراطية
للعدل، بقدر ما تهمهم ملفاتهم المطلبية البسيطة، كما يتطلب عدم معاندة الواقع أكثر
من اللازم، فالامكانيات لم تكن يوما ذاتية
وانما معطى خارجي. وهذا المعطى قد تغير كثيرا.
3_
في ميلاد الجامعة الوطنية لقطاع العدل:
قبل تبيان ومحاكمة
النوايا الحقيقية لتأسيس الجامعة الوطنية لقطاع العدل، سنعتمد الكلمة التأسيسية لهاته
النقابة والمؤرخة في 28-06-2008، والتي
جاء فيها ما يلي:
"...إلا أننا بعد تجربة حوالى عشر سنوات من تدشين هذا الفعل
النقابي الذي حقق بعض المكاسب لا ترقى إلى
المطلوب، لاحظنا عليه أنه تراجع عن أهم مطالبه وانحرف عن مساره الحقيقي
والأساسي وهذا ما أدخله في نفق مسدود نتج عنه صرف النظر عن الملفات الكبرى في
مقابل اهتمامه بملفات هامشية بل وتافهة أحيانا لا علاقة لها بأبسط
أبجديات الفعل النقابي الشريف.
وهكذا لم نعد نستطيع
التمييز بين ما هو نقابي وبين ما هو سياسي وبين ما هو جمعوي إذ اختلط الكل وتحطمت
الحواجز.
وفي هذا المسار تم أحيانا خوض معارك
جانبية كلفت المناضلين وقتهم وجهدهم بل وما في جيوبهم بواسطة الاقتطاع مثلا،
وذلك لأسباب لا تربطها بمطالب المناضل صلة بل ترتبط بتصفيات حسابات شخصية
ونزوات فردية والأمثلة كثيرة.
بالنظر لكل هذا أصبح المناضل الحقيقي في القطاع يجد نفسه في
بيئة غريبة ويطالب بمطالب لا علاقة لها
بقضاياه. وبعد طول تمحيص وتدقيق بل و بعد صبر كبير، وبعد مشاورات مكثفة مع
عدة مناضلين في القطاع تم الانتهاء إلى ضرورة إعادة هذا العمل إلى سكته
الحقيقية التي من أجلها أحدث وأساسها كرامة الموظف وذلك بواسطة إحداث “الجامعة الوطنية لقطاع العدل” ..."
كما
جاء في بلاغ للمكتب الوطني مؤرخ بنفس التاريخ:
...
بالنظر إلى خصوصية قطاع العدل وكذا بالنظر للأهمية الوطنية
لهذا القطاع على مستوى إقرار العدل والحفاظ
على السلم الاجتماعي والنظام الاقتصادي العام وتعزيز دولة الحق والقانون
وتقوية المؤسسات وفصل السلط...
.... وفي هذا السياق نؤكد تحفظنا الشديد عن أي نظام أساسي
لا يراعي هذه المطالب،
ونطالب بالإفراج الفوري عن تعويضات الحساب الخاص مع الرفع من قيمتها.
..... .
وفي انتظار الإعلان عن البرنامج النضالي المقبل والملف
المطلبي المفصل يؤكد المكتب الوطني للجامعة
الوطنية لقطاع العدل على إحساسه العميق بجسامة المسؤولية الملقاة على
عاتقه ويدعو جميع الغيورين إلى ضم الجهود للنهوض بوضعية القطاع وإعطائه
المكانة اللائقة به كما يدعو كافة موظفي القطاع ومستخدميه إلى الالتفاف
حول نقابتهم العتيدة الجامعة الوطنية لقطاع العدل بكافة مكوناتها الوطنية
والمحلية ودعم جهودها والانخراط في نضالاتها من أجل تحقيق أهدافها النبيلة...."
وفي
سياق مسارها، عمد الجامعيون إلى البحث عن موطئ قدم بالقطاع، بالتهجم على النقابات
الأخرى تارة وبمد اليد إليها تارة أخرى، كما روجوا لأطروحة أنهم نتاج لقانون العار
الذي مررته النقابة الديموقراطية للعدل وأنهم سيمضون قدما حتى إسقاطه.
وتجدر
الاشارة مسبقا، أن اغلب أطر الجامعة ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية وأنهم كانوا
يناضلون من داخل النقابة الديموقراطية للعدل قبل أن يقرروا الانسحاب وتأسيس نقابة
تابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب.
ونظرا
لغنى الكلمة التاسيسية وبلاغ التأسيس وتناقضاتهما الصارخة والفاضحة، ودون الحاجة
إلى تتبع مسار النقابة الذي خلق متناقضا وتطور كذلك، سنعتمدهما أساسا للدراسة.
هكذا،
وبالتمعن في الكلمة والبلاغ، يظهر ما يلي:
1-
الكلمة التأسيسية تحاكم تجربة عشر سنوات من العمل النقابي وتصفها بالانحراف عن
المسار الحقيقي وبعدم التمكن من التمييز بين ما هو نقابي وما هو سياسي وما هو
جمعوي.
واذا
كان قول الجامعة صحيحا، فهو للأسف حق أريد به باطل، لأن المقصود بالكلام هو
النقابة الديموقراطية للعدل التي يناضلون من داخلها وبالتالي، فلو كانوا صادقين في
النوايا، لقالوا خمس سنوات ولقرروا العودة إلى النقابة الوطنية للعدل التي لازالت
على خطها ولم تخلط النقابي بالجمعوي لأنها أصلا غير ممثلة فيه، ولكون استنتاجهم
ينسجم مع طرحنا في كون السياسي هو الذي حدد ميلاد النقابة الديموقراطية للعدل.
2-
تضمنت الكلمة التأسيسية الاشارة إلى إضاعة الوقت والجهد، والاقتطاع بنوع من الأسى
كما تم الحكم على معركة 2006 من اجل النظام الأساسي المحصن والمحفز على أنها معركة
هامشية، وهي المعركة التي نتجت عنها إعانات الحساب الخاص.
3-
وتختتم الكلمة التأسيسية بكلام جميل: "ضرورة إعادة هذا العمل إلى سكته الحقيقية التي من أجلها أحدث
وأساسها كرامة الموظف..."، لكنه للأسف أخطأ
الوسيلة والطريقة: وذلك بواسطة إحداث “الجامعة الوطنية لقطاع العدل”،
فالإعادة إلى السكة الحقيقية لا يكون بإحداث كائن جديد مادام الكائن القديم
والمؤسس لم يستوف شروط نموه وأدائه.
4-
ويأتي البلاغ ليزيل الشك، ويكشف جزءا من النوايا الحقيقة للتأسيس حيث يكشر عن
أنيابه السياسية: خصوصية قطاع العدل وكذا بالنظر للأهمية الوطنية لهذا
القطاع على مستوى إقرار العدل والحفاظ
على السلم الاجتماعي والنظام الاقتصادي العام وتعزيز دولة الحق والقانون
وتقوية المؤسسات وفصل السلط...،
فالأمور
إذن واضحة، الحفاظ على السلم الاجتماعي المقرون بالاستغلال الطبقي، والنظام
الاقتصادي التبعي المسير من طرف الإمبريالية المتوحشة...، فهاته النظرة، وبعد
ربطها مع الإشارات الأولى تكتمل الصورة: فالدولة اقتطعت للموظفين الذين خاضوا
اضرابات متتالية بالقطاع لانهم يهددون السلم الاجتماعي والنظام الاقتصادي
الامبريالي..
5-
كما أن الموقف من النظام الأساسي يزيد من تأكيد هاته الصورة، فالتحفظ الشديد عن النظام الأساسي
ليس هو رفضه، وليس هو التصدي له، هذا في الوقت الذي أعلنت النقابة الوطنية للعدل
رفضها لهذا القانون وكانت تتصدى له وفق إمكانياتها في تلك المرحلة. فالمطلوب إذن
كان هو الانخراط في المعركة وليس التحفظ الشديد.
6-
ثم تأتي الفقرة الأخيرة من البلاغ، لتكشف المستور، فالنقابة ليس لها ملف مطلبي،
ولم تعلن عنه بعد وتدعو الموظفين الى الانضمام والانخراط فيها، كما يدعو الموظفين
الى: الالتفاف حول نقابتهم العتيدة الجامعة الوطنية لقطاع العدل بكافة مكوناتها الوطنية والمحلية ودعم جهودها
والانخراط في نضالاتها من أجل تحقيق أهدافها النبيلة....، فأين تتجلى عتادة النقابة وهي لم تقدم بعد برنامجها النضالي،
ولم تقدم ملفها المطلبي للموظفين...
انه فعلا خبث السياسة، هذا الخبث الذي يجعل من الجامعة
نقابة مؤسسة بقرار سياسي يفقدها أساسا من أسس العمل النقابي الجاد والمسؤول وهو
الانبعاث من واقع ومأساة كتابة الضبط ويجعلها في خدمة التوازنات والمعادلات
السياسية.
•اقتلاع الجذور المؤسسة و المغذية لأشكال الممارسة الرامية لضرب الاستقلالية
•إشاعة و ترسيخ آليات تفعيل الديمقراطية كنهج و سبيل في اتخاذ القرار
•الوعي بخصوصية المشاكل المهنية
•الوعي بالدور المركزي لكاتب الضبط داخل منظومة العدالة
•الوعي بواقع التهميش الذي تعرفه كتابة الضبط والتنكر لقيمتهم ودورهم في إصلاح العدالة،
•الوعي بخطورة الخلط بين النقابي والحزبي في الممارسة النضالية النقابية وتأثيرها على الفعل النقابي
•جعل مصلحة كتاب الضبط الأسمى والأعلى من كل الاعتبارات السياسية والحزبية التي تهيمين على العمل النقابي ببلادنا.
•جمع شمل كتاب الضبط وتوحيد رؤيتهم بعيدا على التوجه الأحادي والحزبي النفعي لفئة منتفعة ومتاجرة بالعمل النقابي.
•توعية القواعد بواجب الانخراط في تسير شأن كتاب الضبط وأن لا يبقوا مجرد أداة بيد البعض ليحصوا نفعا ذاتيا وحالة استثناء في الترقي والمسؤولية.
•وضع ميثاق شرف كأرضية تجعل المحاسبة هي أساس العمل و أن القيادة تكليف و ليس تشريف و أن الترشيح مفتوح لمرة واحدة عملا بمبدأ تداول القيادة واكتشاف كفاءات قيادية أخرى
كلام كثير ومواقف متعددة وحكم على الهيئة بالموت أو عدم
الميلاد حيث تقول:
وهكذا انجر العديد من الموظفين والمناضلين تحت إغراءات الديموقراطية
والتعددية والحداثة وراء إطار حزبي ذيلي يؤمن بالديموقراطية في حدود الحفاظ على
مصالحه وقيادة الإطارات النقابية أما غير ذلك فانسحابه لتأسيس إطار بديل هو أول ما
يفكر فيه وخير دليل على ذلك ما يقع بالمركزية الفدرالية حيث الحزب مستعد لطرد
مجموعة من التنظيمات والقطاعات وخيرة المناضلين على أن يرى قيادة النقابة في يد
تيار غير متحكم فيه وغير منضو تحت رايته.
إن أول شيء كان على مهندسي ومنظري الهيئة المستقلة الخوض
فيه هو إعطاء نقد ذاتي عن مرحلة وفترة معينة انخرطوا فيها بدون وعي وقدموا فيها
خدمات كبيرة لحزب الاتحاد الاشتراكي أثناء تواجده في الحكومة والانتباه إلى عدم
تصحيح خطا بخطأ ثان لأنه سيكون تماديا في الخطأ وينم عن ارادوية تقفز عن الواقع
ومتطلباته.
وبالرجوع إلى أهداف الهيئة، فأجد نفسي متفقا معها جميعا
وأدافع عنها ومستعد للذهاب بعيدا من أجل تحقيقها. لكن السؤال المطروح يبقى: في أي
إطار يجب أن نناضل من أجل هاته الأشياء؟
وقبل الجواب عن السؤال، وجبت الإشارة إلى أن جميع موظفي
القطاع لا يرون هاته الأهداف وحتى إن رأوها فطرقهم ووسائلهم تختلف من شخص لآخر:
فهناك من يقبل اليد لقضاء غرض، وهناك من يقتحم مكتب مسؤول، وهناك من يعترض طريقه،
وهناك من يلجأ إلى معارفه، وهناك من يخوض أشكال نضالية من أجل حقه من إضراب إلى
اعتصام إلى وقفات...
إن أغلبية الموظفين يحسون بالمشاكل لكن لا يعونها، وبين الإحساس
والوعي يكمن دور المناضل، الدور التأطيري للمناضل لرفع وعي الموظف والانتقال من وضع
المشكل القائم إلى الإحساس به إلى تأطيره إلى صياغة الإجابات العملية والنضالية
للتغلب عليه.
والمناضل هذا له تكوين سياسي نقابي ان لم نقل انتماءا
سياسي يحلل من منطلقه الإشكالات المطروحة ويطرح الإجابات الممكنة. والتوجهات
السياسية الموجودة تغطي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. أي من التوجهات التي
تحاول إبقاء الوضع على ما هو عليه إن لم نقل إيجاد تراجعات خطيرة إلى تلك التي
تحاول الإجابة عن كل شيء دفعة واحدة أي بالثورة على الوضع القائم وإحلال نظام
سياسي اقتصادي اجتماعي محل النظام القديم.
إن مطالب الديموقراطية والعدالة الاجتماعية ليست مطالب
خبزية وإنما هي مطالب سياسية بامتياز وجب على الإطارات السياسية والمناضلين النضال
من اجلها، كما أن على الإطارات النقابية المساهمة والضغط من اجل هاته المطالب التي
هي مطالب مجتمعية وتخص الجميع.
إن هاته المطالبة السياسية والنقابية تجسيد للربط الجدلي
بين السياسي والنقابي مع ضرورة احترام مجال كل واحد منها.
فالنضال النقابي يستهدف تحقيق مكتسبات مادية ومعنوية
وحضور السياسي في النقابي هو حضور الموجه والمؤطر وليس الممارس اليومي.
إن الوعي والتفرقة بين النضالين لهو من الأهمية بما كان،
وهنا تحضر أهمية استقلالية الإطارات النقابية. استقلالية لا تعني مطلقا القطع مع
كل ما هو حزبي أو سياسي وإنما تعني انبثاق القرارات من داخل التنظيمات النقابية
باعتماد الديموقراطية وفتح وجه الحضور والمشاركة في وجه الجميع.
إن استحالة إنشاء نقابة مستقلة بالطرح الذي تراه الهيئة
المستقلة ينبعث من استحالة منع كل المنتمين أو المتعاطفين سياسيا أو المسيسين من
الانخراط فيها، وحتى في امكانيتة ستتحول الهيئة إلى تنظيم "جاهل" يسير
شؤون الحياة.
وبالتالي فالحل يكمن ليس في عدم التسييس للموظفين ولكن
بالعكس بالدفع بالتسييس الى حدوده القصوى حتى يستطيع كل موظف استقراء الخطاب
والانخراط في النقابة أو الحزب الذي يخدم مصالحه وليس مصالح طبقية بحثة تستغل جهل
الموظف والمنخرط.
فالنضال في ن و ع فيه صراع بين توجهات سياسية تحاول فرض
منطقها بالديموقراطية والإقناع، وقرارها منبثق من قرارات مناضليها سواء في المكتب
الوطني أو المجلس الوطني. وكشهادة للتاريخ، فلم يسبق لأحد من خارج التنظيم أن فرض
علينا توجها على الأقل في الفترة التي اشتغلت فيه من داخل تنظيم ن و ع أي من 2006
إلى 2012، وهاته هي الاستقلالية التي ننشدها. فخوض الإضراب أو عدم خوضه ينطلق من
رؤية للمحيط وللإمكانيات وللنتائج المتوقعة وبالتالي كل مناضل يقترح ما يبدو له
المنطق الصحيح، وفي غالب الأحيان يكون هناك تناغم في القراءة للوضع، وفي استحالة
أو عدم حصوله تصبح الديموقراطية الحكم والفصل، وهنا أتذكر أنه في 2010 على ما أظن
تم خوض إضراب وطني بعد اعتماد تصويت أعضاء المجلس الوطني.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire