14 févr. 2013

ما هكذا عرفت الطلبة

   في قرية يعد سكانها ببعض المئات, وحيث الفقر والجهل يضربان بأطنابهما ويحطمان أرقاما عالمية نشأت أجيال كلها آمال وأحلام لتجاوز هذه الوضعية وتحقيق الممكن في ظل المستحيل.
   الآباء والأمهات يتعاندون مع الزمن, يواجهون الحجارة التي تحيط بهم من كل الجهات من أجل فلذات أكبادهم الذين يتحولون بفعل هذه الوضعية إلى مشاريع ينتظر منها الشيء الكثير ويصبحون بالتالي أفيون هؤلاء الفقراء.
  يبتدئ كل شيء من المدرسة, تلميذ بأرجل حافية وسروال مرقع يقطع السنوات الواحدة تلو الأخرى حتى يصل إلى آخر عتبة.  عتبة تصدره لتعلمه أنه لم يبق كما السابق لقد أصبح طالبا.

كل شيء يتغير إذن,  فلم يعد ذلك الإنسان العادي المستهلك التابع. لقد أصبح الآن مصدر كل شيء: العلم, الفلسفة, الأناقة وخصوصا الفكر الذي يميزه عن باقي الفئات الأخرى و يمنحه مكانة مرموقة داخل مجتمعيه الصغير و الكبير على السواء. لكن إذا انعدم هذا الفكر فما موقع الطالب في المجتمع ؟.
  إن الحياة صراع دائم, وتمظهرات هذا الصراع وحدتها تتغير حسب وعي الإنسان والمحيط الذي تمارس فيه.
ففي قرية أكوراي يفهم الصراع على أنه بين أشخاص وفي أحسن الأحوال بين فئات محددة فنسمع مثلا الموظفين وغير الموظفين, العمال والفلاحين, الطلبة وغير الطلبة...الخ من التصنيفات التي تتميز بها المنطقة... و تبقى مكانة الطالب دائما متميزة لأنه يحاول ممارسة الصراع بشيء من الوعي أي محورته في اتجاهه الصحيح مستغل ومستغل وتحالف طبقي مستغل وتحالف طبقي مستغل.
   لكن الملاحظ مؤخرا هو وجود عدد من الطلبة لا يكتسبون من الصفة إلا الاسم فلا فكر ولا وعي و لاشيء يذكر اللهم بعض الممارسات التي تزيحهم عن موقعهم وتلقي بهم في ظلال الجهل.
   هكذا إذن يحاول الطلبة اليوم التخلي عن موقعهم الطبيعي واقتحام مجال الآخرين وبذلك يمارسون صراعا مقلوبا مجردين من سلاحهم. فعوض أن يخصص الطالب جزءا من موارده المالية لاقتناء الكتب نجده متجها إلى الملابس ومختلف أنواع العطور ليبقى مظهره وسيما لأنه أصبح يفهم الصراع بهذه الطريقة.
   ولكل هؤلاء نقول البسوا كما شئتم وتعطروا كما شئتم لكن تأكدوا أن كل جالس إلى جانبكم سيعاملكم على أساس أنكم طلبة أي خزان فكر وعلم و عندما يكتشف أن هذا الخزان فارغ, فلن تجديكم لا العطور و لا الملابس و لا حلق الشعر على الطريقة الأمريكية أو الهندية...
   كل هذا يؤدي في النهاية إلى تبخر أحلام الفقراء, فلا عمل   بعد الحصول على ورقة تطبع منها الآلاف  سنويا بموازاة مع اقتصاد تبعي ينهب بالقناطر يوميا-  يعوض كل ما أنفقوه من أجل أبنائهم قصد الدراسة, ولا فكر يفتخر به و يرفع  من مستوى وعي الآباء ليلحقهم  بركب التقدم. وتكون بذلك سياسة التفقير والتجهيل قد أتت أكلها وتؤجل رؤية هلال الحرية والتقدم إلى وقت لاحق.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire