14 févr. 2013

جمعية بويعقوب للتنمية الاجتماعية و الثقافية 1998 – 2002 الحصيلة والآفاق:



من منا لا يتذكر ذاك اليوم المشهود * 27 غشت 1998 * الذي اجتمع فيه سكان قبيلة أكوراي و استقر رأيهم في سابقة تاريخية على تأسيس جمعية تعنى بهمومهم و تساعد على التنمية الاجتماعية و الثقافية للمنطقة.
من منا لم يتحدث مع أصحابه , أصدقائه و رفاقه عن هذه الجمعية في السوق, المدرسة , الجامعة و في البيوت حتى أصبحت موضوع الساعة لمدة ليست بالهينة.
من منا لم تكن لديه تطلعات و آمال في هذه الجمعية و إن اختلفت حسب استيعاب معنى العمل الجمعوي و آفاق عمله .
من منا لم يطرح الأسئلة حول هذا الناشئ الجديد , ماذا قدم و ما سيقدمه .
من منا لا يفكر و يقول إلى أين نحن ذاهبون ...
كلنا نتقاسم المعاناة , نتقاسم الأحلام  و كلنا يريد أن يعرف ما جرى و يجري و من هذا المنطلق سأحاول تقديم  ما أعتبره حصيلة لأربع سنوات على ميلاد الجمعية .
قد نكون قاسين في حكمنا و نقول في جملة غير مفيدة : الجمعية لم تحقق شيئا , وقد نكون متسرعين في حكمنا و نقول إنها حققت كل شيء .
ولكن عودتنا التجارب أن نكون رزينين في حكمنا  , متبصرين في نقدنا , موضوعيين في تعاملنا.
إن أي تقييم لعمل ما يستوجب أولا مراعاة مجموعة من الأشياء قبل الحكم من قبيل أين نحن؟ ماذا نريد؟ أين وصلنا؟ ماذا ينتظرنا .... مجموعة من الأسئلة لا بد من تفكيكها و الإجابة عنها حتى تنجلي الحقيقة شيئا فشيئا و يصبح حكمنا ذا مصداقية و محفزا على العمل و ليس ذاك الحكم الذي سيقطع رأس الجمعية أو احد أعضائها و يطالبها بعد ذلك بالحياة .

نشأت جمعية بويعقوب للتنمية الاجتماعية و الثقافية في قصر اكوراي , قرية ميزتها الأساسية ثنائية الصيف و الشتاء أو بشكل أدق رحلة الصيف و الشتاء . ففي فصل الشتاء يصعب عليك العثور على رجل بالقرية : العامل مسافر للبحث عن عمل , التلميذ في اعداديته البعيدة عن المنطقة , الطالب يغادر في شهر شتنبر ليعود في أواخر شهر يوليوز , فقط الصبية و النساء و بعض الذين لم يسعفهم الحظ في إيجاد عمل يبقون هناك ليتحملوا قساوة الظروف و البرودة التي لا تحتمل . و ما أن يبدأ شهر ماي حتى تبدأ القوافل في الوصول: التلامذة أول من يصل فالطلائع الأولى من الطلبة والموظفين و العمال لتكتمل الصورة خلال شهر غشت حيث يصعب عليك أن تجد مكانا في أي مكان ويظهر الوجه الآخر للمنطقة حيث الحياة لا تتوقف و لا تعرف الليل من النهار .
في خضم هذا الوجه الآخر الحيوي أعلن عن ميلاد الجمعية , ميلاد كان كله طموح نحو الأفضل نظرة نحو المستقبل
كان من بيننا من كان يظن أن جميع المشاكل ستحل و أن الدولارات و الاورو سيتقاطر على المنطقة من كل الجهات وكنا نحن نعلم أن أموالنا هي التي ستطعم هذا المولود الجديد
كان من بيننا من يحلم بالتربع على رأس الجمعية ليصبح رمزا في المنطقة وكنا نحن نعلم أن الجالس على الكرسي جالس على نار
كان من بيننا من أراد أن يجعل من الجمعية ضيعة خاصة وكنا نحن نعلم أن الجمعية ملك للجميع إن  لم تكن هي الجميع نفسه
كان من بيننا من يعمل على تقديم حسن السيرة ليحضى برضى السلطات وكنا نحن نعلم أن المنطقة قدمت حسن السيرة لخمسين عاما و لم تجن سوى التهميش
كان من بيننا من يظن أن الجمعية تنتج المشاريع وكنا نحن نعلم أنها تنتج الرجال قبل المشاريع
كان من بيننا من يخال نفسه يؤسس زاوية أو حزبا وكنا نحن نعلم أننا نؤسس جمعية ديموقراطية
كان من بيننا من ... وكنا نحن نعلم أن...
في خضم هذه المتناقضات صيف شتاء , كان من بيننا من .... وكنا نحن نعلم أن....
انطلقت القاطرة , انطلقت و هي تشق الطريق خطوة تلوى الأخرى حتى أكملت 4 سنوات من الزمن العالمي – 4 اشهر حسب زمن المنطقة – فماذا قطعت في الواقع ؟
انطلقت في واقع لا يتوفر على مصطلح الجمعية فأصبح المصطلح يردد مائة مرة كل يوم
انطلقت في مجتمع مقسم إلى فئات عمرية لكل مجالها و نمطها فوحدت الشاب , الشيخ , المعطل , الموظف , التلميذ و الطالب
انطلقت في وسط لا يؤمن إلا بالولاءات الشخصية فاستطاعت وضع سلطة القانون فوق الجميع
انطلقت في بيئة لم تعرف سوى منطق البقاء للأقوى فجعلت القانون الأساسي و الداخلي سيفا فوق رأس الجميع
انطلقت في وضع لا يسمع فيه إلا دار فلان و فلان للاجتماع فأصبح مقر الجمعية هو المكان
انطلقت في محيط ينتظر قدوم الشيخ أو المقدم ليسلم الرسالة لصاحبها فأصبحت تتوفر على عنوان بريدي و عنوان الكتروني
انطلقت في قبيلة لا تمثل إلا بأعضاء الجماعات السلالية فأضحت الكلمة لمكتب واحد و أجهزة واحدة
انطلقت في عيون يملاها الحقد و الحسد فقضت عليهما و أصبح المستقبل وجهتها
انطلقت في زمن يمتلك فيه كل واحد ماله و يحفظه في مكان خاص فجعلت من مكان عام مكانا لمالها و مال الجميع
انطلقت في عالم لا تصله لا الصحف ولا المجلات فأصبحت هي مصدر المجلة
انطلقت في عيشة لا تؤمن إلا بالأخذ و أصبح التسابق إلى العطاء ميزة الجميع
انطلقت في ...  و أصبحت في ...
هذه مجموعة من الأشياء تم تحقيقها خلال أربعة اشهر من زمن المنطقة فهل حققنا كل شيء؟
إن التمحيص في كل هذه المنجزات يقودنا إلى القول انه ليس من السهل الوصول إلى هذا المستوى في هذا الزمن القياسي لكن أيضا هذا لا يجب أن يحجب علينا النظر إلى الواقع و الوقوف على المأساة و المعاناة اليومية لأبناء هذا الوطن و منهم أبناء المنطقة . إذاك يصح القول أننا عند نقطة الصفر , كل الأسلحة أو جلها في حوزتنا فلننطلق.
انتظارات المنطقة كثيرة جدا
أبناء المنطقة يسبحون في عالم كله مخدرات
أمهات المنطقة يعانين من الجهل , الفقر و غياب الرعاية الصحية
تلامذة المنطقة حفاة عراة يدخلون المدرسة من بابها ليخرجوا من نوافذها خاليي الوفاض
معطلو المنطقة أشبه بمدمنين يستيقظون ليلا ليناموا صباحا و لا شيء غير ذلك
طلبة المنطقة يقطعون مئات الكيلومترات ليرتموا في أحضان عالم غريب عنهم ليعودوا إلى قريتهم و هي اغرب من عالمهم الغريب
عمال المنطقة في جولة عبر جميع مدن المغرب بحثا عن عمل لا يجدوه حتى يطردوا منه لتستمر الرحلة و التيه
موظفو المنطقة رحل يعانون مرارة السفر و قلة الزاد
فلاحو المنطقة بين سنوات الفيضانات و سنوات الجفاف لم يعودوا يقومون بأي شيء سوى انتظار المستحيل
فتيات المنطقة بدايتهن في نهاية مشوار الفتاة المغربية : الزواج و لا شيء غير الزواج
كل هؤلاء , كلنا خارجون عن إطار التاريخ . إذا كان التاريخ الميلادي و صل 2003 م والهجري 1423 هـ فنتمنى نحن أن نعلن عن تاريخ ميلادنا لنبدأ العد ...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire