20 févr. 2015

عن دكتاتورية وزارة العدل والحريات المغربية

لا يجب النظر إلى مجموعة من الممارسات والقرارات التي تتخذها وزارة العدل بغض النظر عن الانتماء السياسي للوزير وكذا عن طبيعة الفكر الشمولي الاطلاقي للجماعة/الحزب التي ينهل منهما وينتمي إليهما.
فالجماعة الدينية ترى في نفسها الصواب وكل الصواب وما دون ذلك الفساد والعدو والشيطان.
ففكرها لا يميز بين مناضل يساري، 20 فبراير، رموز الفساد، الأحزاب الإدارية، الأحزاب اليمينية، الأحزاب اليسارية، الجماعات والتنظيمات الاسلاموية...، فكل هؤلاء يعرقلون خطوات الفكر الشمولي وتطبيقاته.
فالفساد بالنسبة لهم كل من يعارض مخططاتهم التي يستمدونها من رضا الدولة والمؤسسات الأجنبية الممولة.
فلا مجال للانتقاد او تقبله، والتهمة دائما موجودة ولا تحتاج الى اجتهاد أكبر، الكل فاسد والكل يحارب العدالة والتنمية رمز النقاء والصفاء وخدمة الشعب.
حين تنهب صناديق التقاعد ويتصدى الموظفون والنقابات لتحميل الشغيلة نتائج الأزمة فهم بالنسبة إليهم معرقلو الإصلاح والداعون إلى استمرار الفساد، والفاسدون الحقيقيون يطبق في شأنهم الحديث المحدث "عفا الله عما سلف"،
و 20 فبراير حين تنزل للشارع لمواصلة برنامجها النضالي لمحاربة قلاع الفساد، عدميون ويدعمون الفساد وقلاعه، بل هم مسيرون من طرف التماسيح والعفاريت...
هاته هي تمظهرات الفكر الشمولي الذي يشتغل بطريقة شعبوية تجعل المواطن البسيط يتقبل الزيادة في أجور الوزراء ومعاشاتهم ويعتبر الزيادات في الأسعار وتخريب الصناديق والمستشفيات والطرق والخدمة العمومية عموما ضرورة من أجل النهوض بأحوال العباد والبلاد.
انعكس هذا الفكر والتصور في قطاع عانى ولازال من هيمنة الدولة الممخزنة، فأصبح كل مطالب بحق من حقوقه فاسدا وداعما للفساد وجب قص أجنحته الطويلة.
وإذا كان المسؤولون الإداريون الورقة الرابحة للوزارة، فانها اعتمدت أسلوب الترهيب والترغيب لضمان مسايرة توجهها وإرساء دعائم الفكر الاطلاقي الشمولي الذي يقبل كل شيء إلا الانتقاد.
وهكذا عمدت الوزارة إلى إعفاء رؤساء مصالح قياديين في نقاباتهم لتوصل رسالة إلى الجميع مفادها ألا حامي لهم إلا من تحميه الإدارة والوزارة.
وبعد ربح هذا الشوط، بدأ برنامج التنزيل العملي لهذا الفكر، فكر الخنوع والتسليم بما يجري ومعاقبة كل من يتجرأ على رفع رأسه ومكافأة الخنوعين وخصوصا المسؤولين الإداريين منهم.
لقد تم توقيف موظف كاتب ضبط بمحكمة الاستئناف بأكادير مؤقتا عن العمل وتقليص راتبه بنسبة 30 في المائة في انتظار عرضه على المجلس التأديبي !!!، لسبب بسيط لكنه ذو دلالات كبيرة وخطيرة.
فالموظف رفض القيام بأعمال لا تدخل في إطار اختصاصاته بل تندرج في إطار أشغال السخرة التي يقوم بها مستخدمون معينون.
وواقع موظف بمحكمة الاستئناف بأكادير هو واقع أزيد من 12000 موظف بوزارة العدل والحريات الذين عليهم أن يحنوا رؤوسهم وينفذوا أوامر المسؤولين ولو اقتضى الحال أن يتحولوا كلهم إلى "علال القادوس" أو تسلط عليهم رقبة الاخلالات المهنية ورفض القيام بالمهام المسندة إليهم.
وبموازاة ذلك، يطلق العنان للمسؤولين الذين لا يكلف البعض منهم احترام القانون ومقتضيات الوظيفة العمومية أمام الصمت الرهيب والتام للوزارة.
فالقانون بالنسبة للفكر الشمولي يعرقل النمو ويعرقل استخدام الموارد البشرية للاستعمال الأمثل.
انه العبث بعينه، فكيف يعقل أن يخنق مجرى مياه بالمحكمة والموظفون يتفرجون ويرفضون القيام بمهمة وتنفيذ أمر مسؤول بدعوى أنهم مرتبون في السلم الخامس أو السادس أو حتى خارج السلم.
وحين تساير هذا المنطق الوضيع وتطلب من المسؤول الإداري القيام بالأمر مادامت المهام والإطار لا معنى لها، تصبح متمردا وتتجرأ على المسؤولين والتوقيف مدى الحياة في انتظارك.
 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire