18 oct. 2015

الاختلالات الوظيفية للسجل التجاري

 
يمكن إجمال انتظارات ومطالب التجار ومسؤولو الأشخاص المعنويين ومختلف المهتمين بالسجل التجاري فيما يلي:
-         تبسيط المساطر الإدارية وتوحيدها،
-         تخفيض الوقت المخصص لدراسة الملفات وإجراء التقييدات الضرورية،
-         الوصول إلى المعلومة بأقل جهد وتكلفة،
-         تخفيض تكاليف الإجراءات،
-         تحسين ظروف الاستقبال والتواصل،
-         القيام بالإجراءات في فضاء منظم ولائق،
-         القيام بالإجراءات عن بعد،
-         تحديد جهة مخاطبة لحل الإشكاليات المطروحة...
كما يمكن إجمال انتظارات ومطالب العاملين بالسجل التجاري في:

-         الاشتغال في فضاء لائق،
-         توفير المعلومة الضرورية للتعاطي مع مختلف الإجراءات والتقييدات،
-         التكوين الأساسي والتكوين المستمر لمواكبة المستجدات القانونية والتنظيمية،
-         تنظيم العمل وتحديد المسؤوليات،
-         هيكلة مصالح السجل التجاري،
-         توحيد الإجراءات في جميع مصالح السجل التجاري،
-         تبسيط مختلف الإجراءات،
-         توفير الموارد البشرية كما ونوعا،
-         تحسين شروط العمل،
-         تحديث وسائل العمل...
ويعرف السجل التجاري اختلالات متعددة مرتبطة بالقوانين المؤطرة له، بالموارد البشرية العاملة فيه، واختلالات تنظيمية.

1- الاختلالات القانونية
تتميز النصوص القانونية المؤطرة لعمل السجل التجاري ب:
·         عدم احترام التراتبية القانونية:  فالدستور ينظم الفصل بين السلط التنفيذية، التشريعية والقضائية.
القانون يجب ألا يعارض الدستور، والمراسيم ألا تعارض القانون، والقرارات الوزارية ألا تعارض القانون ونفس الشيء بالنسبة للمذكرات والرسائل الدورية التي يجب أن تحترم روح القوانين الأعلى منها...
بالنسبة للتقييدات في السجل التجاري، فالرسائل الدورية أصبحت هي المؤطرة لعمل السجل التجاري رغم معارضتها في بعض الأحيان لما جاء به القانون.
فبهدف تبسيط المساطر الإدارية، تصدر وزارة العدل والحريات مجموعة من الدوريات والمذكرات تتميز أساسا بعدم احترام التراتبية القانونية حيث تعمد إلى تجاوز قانون أو مرسوم، كما تعالج إشكاليات لحظية دون استحضار المشاكل التي تترتب عن الإجراء.
وللتدليل على الوضع، يكفي الرجوع إلى الرسالة الدورية 21 س 2 في موضوع تبسيط المساطر المتعلقة بإنشاء المقاولات والتي ألحت على الاكتفاء بنظير واحد من النظام الأساسي للشركة موضوع القيد بالسجل التجاري ومن محضر الجمعية العمومية إن وجد، وكذا الاكتفاء بثلاث نسخ من التصريح بالتسجيل بالسجل التجاري عوض الإدلاء بثلاثة نظائر منه، مع منح كاتب الضبط صلاحية الإشهاد على مطابقة النسخ لأصولها.
فمن جهة، هاته الرسالة الدورية، كما غيرها، تتعارض مع المرسوم رقم 2.96.906 الذي ينص في مادته الأولى على أنه يجب على الملزم أو وكيله أن يقدم التصريح بالتقييد في السجل التجاري إلى كتابة ضبط المحكمة المختصة في ثلاثة نظائر محررة في استمارات محددة بقرار لوزير العدل، والمادة 95 من القانون  596 كما تم تغييرها وتتميمها بمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 24.10 التي تنص على أنه "يجب أن يتم إيداع نسختين من أصل النظام الأساسي أو نظيرين منه بكتابة ضبط المحكمة الموجود بها المقر الاجتماعي..."، ومن جهة أخرى تطرح إشكالات عملية تتعارض والهدف الذي تصبو إليه.
فكاتب الضبط سيخصص وقتا طويلا للاطلاع على النسخ ومدى مطابقتها للأصل قبل المصادقة عليها أو سيسهر شخصيا على تصوير النسخ وهو ما يبدو بعيد المنال في الظروف الراهنة.
كما أن تسليم نسخة مصادق عليها للتاجر أو الملزم بالتسجيل بدل نظير الوثيقة، يجعله ملزما بالرجوع دائما إلى مصلحة السجل التجاري التي تم التسجيل بها للحصول على وثائق مصادق عليها بدل التوجه إلى أقرب جماعة قروية أو حضرية وبتكلفة أكبر.
·         عدم انسجام النصوص: حيث يخضع السجل التجاري لمجموعة من النصوص المتناثرة في عد كبير من القوانين مما يفقده الانسجام المطلوب، ويجعل كاتب الضبط والمستثمرين تائهين بين مختلف القوانين والنصوص.
·         تعدد النصوص والمتدخلين: بحكم تناثر النصوص في مجموعة من القوانين سواء النصوص العامة أو الخاصة بحالات ومهن معينة ذات ارتباط بالتقييد في السجل التجاري. يضاف إليه تعدد المتدخلين (وزارة العدل والحريات المسؤولة عن السجلات التجارية بالمحاكم التجارية والمحاكم الابتدائية، المجلس الأعلى للقضاء عن طريق القاضي المكلف بمراقبة السجل التجاري ورئيس المحكمة، المراكز الجهوية للاستثمار عبر الشباك الوحيد (وزارة الداخلية)، المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، والذي يمسك السجل التجاري المركزي (وزارة التجارة والصناعة)، وزارة المالية بتحديد مختلف المصاريف المتعلقة بالتقييدات في السجل التجاري ومختلف العمليات المنصبة على الأصل التجاري، وكذا واجبات تسجيل العقود، وزارة الاتصال والأمانة العامة للحكومة المكلفتان بنشر مختلف الإعلانات، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومديريات الضرائب عبر التقييدات والتعرضات على مختلف العمليات الخاصة بالسجل أو الأصل التجاري، وزارة النقل، الفلاحة، الطاقة والمعادن، البيئة، الماء، التعليم... عبر مختلف التراخيص الممنوحة لممارسة بعض الأنشطة التجارية، البلديات والولايات عبر التراخيص المسلمة قصد التسجيل بالسجل التجاري، الخبراء، المحامون،المحاسبون، التجار أو ممثلوهم، ممثلو الشركات وكل المواطنين المهتمين...)، حيث لكل متدخل منهجية عمل خاصة، وتنظيما إداريا خاصا، كما أن أولوياتهم وأهدافهم قد تختلف من متدخل لآخر وتتعارض، مما يسبب توترات عديدة وتداخلا في الاختصاصات.

2- الاختلالات البشرية
يؤمن عمل مصالح السجل التجاري بمختلف محاكم المغرب كتاب ضبط يختلف عددهم من محكمة الى أخرى كما يختلف تكوينهم ومستواهم العلمي والمعرفي.
وتبقى الميزة الأساسية والقاسم المشترك بينهم هو غياب تكوين أساسي ومستمر في مجال السجل التجاري.
كما أن غياب تقسيم للعمل داخل المحاكم، يجعل كل موظف مؤقتا بمصلحة السجل التجاري ويمكن تغييره واستبداله في أية لحظة حسب رغبة المسؤولين الإداريين والقضائيين مما يحرم العديد من المحاكم من ايجابيات التراكم المعرفي، كما يؤثر على الموظف ومهنيته واستعداده للانكباب على مختلف النصوص القانونية والإجراءات العملية مادام تعيينه ومركزه مرتبطا برغبة مسؤول أو توجهاته.

3- الاختلالات التنظيمية
يغيب على كتابة الضبط عامة ومصالح السجل التجاري على وجه الخصوص، أي تقسيم منظم للعمل، كما تغيب عنها هيكلة واضحة محليا ووطنيا تحدد المسؤوليات وترتب الجزاءات الضرورية.
وتبقى ثنائية التنظيم والإشراف من أكبر اختلالات مصالح السجل التجاري حيث كاتب الضبط في مصالح السجل التجاري تابع إداريا لرئيس كتابة الضبط الذي له الحق في تعيينه بالمصلحة، كما له الحق في تغييره، وتابع إجرائيا لقاضي السجل التجاري الذي يراقب عمله وسجلاته.
ويضاف إلى هاته الثنائية خضوع مجموعة من الموظفين لتوجيهات مدير المركز الجهوي للاستثمار بحكم اشتغالهم بالمراكز المذكورة تحت إشرافه.

4- الاختلالات على مستوى التجهيزات
دون تعميم على كل مصالح السجل التجاري، فان مجموعة من مصالح السجل التجاري موجودة في فضاءات غير لائقة بالموظف ولا بالمواطنين ومختلف الوافدين على المصلحة.
كما ان غياب مجموعة من التجهيزات، المعلوماتية منها على وجه الخصوص، يؤثر سلبا على عمل موظفي مصالح السجل التجاري ويسبب تذمرا لدى المتعاملين معه.

 مقترحات من أجل توحيد وتبسيط مساطر السجل التجاري

1- في ضرورة نصوص قانونية موحدة وعملية
لم تستطع لجنة التنسيق المتعلقة بالسجل التجاري-والمشكلة من بعض المتدخلين في العملية- تجاوز العديد من الإشكاليات المطروحة على صعيد السجلات التجارية لاعتبارات عدة نجملها فيما يلي:
-     آراء وتوصيات لجنة التنسيق تفتقد القوة القانونية للتطبيق خصوصا عندما تتعارض أو تعطي تأويلا خاصا لنص قانوني،
-     مجموعة من العاملين بمصالح السجل التجاري والمراكز الجهوية للاستثمار غير مطلعين على التوصيات والآراء  قصد توحيد الإجراءات بين مختلف المصالح،
-     مجموعة من الإشكاليات المطروحة على لجنة التنسيق مؤطرة بنصوص قانونية صريحة ولا تتطلب رأيا أو توصية من لجنة التنسيق،
-     غياب مصلحة مركزية للسجل التجاري على مستوى وزارة العدل والحريات لا يمكن من تجميع مختلف الإشكاليات المطروحة على السجلات المحلية والإجابة عنها، وطلب رأي لجنة التنسيق وتوصياتها في القضايا التي تتجاوز اختصاصات وزارة العدل والحريات.
إن تعدد النصوص المؤطرة لعمل السجل التجاري، وتناثرها في قوانين متعددة، وكذا اختلاف أولويات وتوجهات مختلف المتدخلين في العملية، يطرح بإلحاح ضرورة مراجعة النصوص الحالية.
وفي هذا الإطار، فان من بين توصيات اليومين الدراسيين حول إشكاليات السجل التجاري تيط مليل 01-02 فبراير 2003 إحداث لجنة تتولى إعادة صياغة القرار الوزيري رقم 106.97 بتاريخ 18 يناير 1997 المتعلق بتحديد استمارات التصريح بالتقييد في السجل التجاري وتحديد قائمة العقود والأوراق المثبتة المشفوع بها التصريح المذكور، وكذا رفع التوصية بإدخال تعديلات على بعض النصوص المتعلقة بالسجل التجاري بارتباطه بمدونة التجارة وقوانين الشركات التجارية وقانون الالتزامات والعقود.
ويعتبر توحيد وتبسيط مختلف المساطر وتحميل المسؤولية لمختلف المتدخلين في السجل التجاري أساس الاشتغال والعمل قصد تجاوز الوضعية الحالية المتسمة بالنزاعات والجمود.

2- إعادة النظر في التصاريح الخاصة بالتقييدات
بهدف توحيد وتبسيط مساطر السجل التجاري، يجب إعادة النظر في التصاريح الخاصة بالتقييدات وإدماج البعض منها كنموذج التصريح 3 لتسجيل فروع أو وكالات الشركات التجارية أو التجار والنموذج رقم 3/1 لتسجيل الممثليات أو الوكالات التجارية وفروع أو وكالات الشركات التجارية أو التجار الأجانب.
كما يجب إدراج الوثائق المطلوبة لانجاز التقييد في التصريح حتى يكون المهتم على دراية بالوثائق التي يجب الإدلاء بها.

3- إعادة النظر في السجلات الخاصة بالتقييدات
يشتغل العاملون في السجل التجاري بالعديد من السجلات تتمثل أساسا في السجل الترتيبي، السجل التحليلي الخاص بالتجار، السجل التحليلي الخاص بالشركات، سجل الرهون والبيوعات، سجل الحجوزات، سجل رهن المنتوجات والمواد، سجل الائتمان الايجاري، سجل رهن الأدوات والمعدات.
كما أن تخصيص سجل ترتيبي واحد يجعل عمل المكلف بتسجيل الشركات أو تعديلاتهم يتوقف الى حين انهاء عمل المكلف بالتجار أو تعديلاتهم مما ينتج عنه تأخر في انجاز المهام وتعطيل عمل موظف في انتظار انتهاء الموظف الىخر من عمله.
ومن أجل استمرارية العمل والتقليص من عدد السجلات بالمحاكم في أفق حذفها نقترح:
-       انشاء سجل ترتيبي خاص بالتجار وتقييداتهم،
-         انشاء سجل ترتيبي خاص بالشركات وتقييداتهم،
-         تجميع كل العمليات المنصبة على الأصل التجاري (رهون، حجوزات، بيوعات، ائتمان ايجاري، رهن المواد والمنتوجات، رهن الأدوات والمعدات) في سجل واحد،
-         الحفاظ على السجل التحليلي الخاص بالتجار والسجل التحليلي الخاص بالشركات).

4- إتاحة إمكانية دراسة الملفات عن بعد
بالنظر إلى أهمية الوقت وضرورة انجاز التقييدات في وقتها، نرى لزاما إتاحة إرسال نسخ الوثائق إلى المحكمة الكترونيا ودراستها من طرف الموظفين المكلفين، وبعد الموافقة عليها يحضر الملزم بالتسجيل وثائقه الأصلية مع فتح إمكانية حجز موعد كذلك.

5- إصدار دليل عملي رسمي
إذا كان دليلنا العملي يندرج في إطار تبسيط وتوحيد المساطر، إلا أن غياب طابعه الرسمي والملزم يجعل منه مصدرا للمعلومة وذا طابع اقتراحي أكثر منه دليلا رسميا يمكن الاعتماد عليه لحسم بعض الإشكاليات.
ومن شان الدليل العملي الرسمي أن يحسم العديد من الاختلافات والتناقضات في عمل مجموعة من المحاكم، كما سيوحد المصاريف المتعلقة بالإجراءات وسيحسم في مجموعة من الإشكاليات التي أثرناها في الدليل.

6- تنظيم ندوات ولقاءات تواصلية
ويتعلق الأمر بندوات ولقاءات تواصلية قبلية وبعدية مع مختلف العاملين بمصالح السجل السجل وكذا مع مختلف المتدخلين والمهتمين والملزمين بالتقييد.
وتهدف اللقاءات القبلية إلى الاستماع إلى مختلف وجهات النظر والوقوف على مختلف التطبيقات الحالية للنصوص القانونية والإجراءات بمختلف المحاكم.
أما اللقاءات البعدية فسيكون هدفها توصيل المعلومة بطريقة لا التباس فيها وتقديم مختلف النصائح ومناقشة كل الإشكاليات التي يمكن أن تظهر في تأويل نص قانوني أو إجراء.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire